التحضيرات للمواجهة العسكرية الأوروبية الأولى (الحرب العالمية الأولى)

 

صورة عن مؤتمر فيينا 1815
مؤتمر فيينا ١٨١٥و النتائج السياسية للمؤتمر بالنسبة لأوروبا - مقالات | منصة القارئ العربى (mklat.com)

تم التطرق سابقا إلى ظهور الحركات القومية التي تأثرت بفعل الثورات السياسية خاصة الثورة الفرنسية من خلال شعارات التي تنادي بالأخوة المساوات والحرية، هذه الحركات سرعان ما تسعى لرغد شعوبها من خلال استنزاف ثروات الشعوب الضعيفة، هذا ما يدفع بكل قومية للضفر بأكبر حصة من هذه الثروات، إلا أن هذه المنافسة سرعان ما تتحول إلى مواجهة حادة بفعل عدم رضى بعض القوميات ما تحصلوا عليه من غنائم، فوقعت مواجهة عسكرية بين القوى الأوروبية بأبعاد عالمية، فيا ترى ماهي تفاصيل اندلاع هذه المواجهة؟

قبل أن نتطرق لتفاصيل المواجهة العسكرية الأولى، علينا أولا التعرف على القوى الأوروبية في تلك الفترة ويمكن تقسيمها إلى مجموعتين:

أ‌. الإمبراطوريات القديمة:

روسيا القيصرية: تعد أكبر الامبراطوريات التي اهتمت بالتوسع غربا وجنوبا والتي اصطدمت بالدولة العثمانية اعتبرت نفسها وريثة الإمبراطورية البيزنطية

الإمبراطورية النمساوية-المجرية: تتميز بتعدد القوميات ونظامها المحافظ وسياستها التوسعية

الإمبراطورية البرتغالية: تشكلت بعد الحملات الاستكشافية

الإمبراطورية الإسبانية: تتميز بعدائها لمسلمي الأندلس، اعتمدت على الكشوفات الجغرافيا لمد نفوذها

بالإضافة للدولة العثمانية والتي هي من خارج أوروبا كانت تتزعم العالم الإسلامي، كان لها أعداء كثر من الدول الأوروبية وكذلك من المنظمات الانفصالية

ب‌. الإمبراطوريات الحديثة:

بريطانيا العظمى: سميت بالإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس وعرفت بدركي أوروبا لامتلاكها القوة الناعمة

الإمبراطورية الفرنسية: ثاني أقوى امبراطورية تشكلت في عهد نابليون بونابرت (1804-1814)

إمارة بروسيا: امتلاكها القوة والمؤهلات قادها أوتو بيسمارك، وهي أقوى إمارة ألمانية


بعد أن أبرزنا القوى الأوروبية التي سادت خلال القرن الثامن عشر، سنبين طبيعة العلاقات بين هاته القوى ومظاهر:

أما طبيعة العلاقات بين القوى الأوروبية فيمكن تقسيمها إلى ثلاثة مراحل

. أما المرحلة الأولى: قبل معاهدة واستفاليا 1648م، فقد تميزت العلاقات الأوروبية (حروب الثلاثين عام) بالصراع الديني والسياسي

. المرحلة الثانية: بعد إمضاء وثيقة مؤتمر واستفاليا 1648م، حيث تميزت علاقات أوروبا بتوازن القوى والشرعية السياسية للحفاظ على امتيازات الاسر الحاكمة (أسرة آل بوربون وأسرة آل هوبسبورغ)

. المرحلة الثالثة: بعد الثورة الفرنسية والحروب النابليونية 1814-1815 تميزت ب:

نظام المؤتمرات لضرب الحركات القومية

تصادم المصالح بين كل من فرنسا وبريطانيا خاصة على مناطق النفوذ

انقسام أوروبا إلى حلفين بارزين

تميزت العلاقات الأوروبية خلال هذه المرحلة ب:

الصراع السياسي: حول طبيعة أنظمة الحكم (ملكي - ملكي دستوري - جمهوري - برلماني)

الصراع العسكري: حروب عديدة خاصة التي قادها زعماء أوروبا بهدف التوسع داخل أوروبا

التحالفات: وفق ما تمليه المصلحة الخاصة للدول

وكان لهذه العلاقات مظاهر منها:

عقد أوروبا عدة مؤتمرات بين دولها كمؤتمر فيينا 1815 ومؤتمر برلين الأول 1878 وبرلين الثاني 1884

عقدت عدة معاهدات منها معاهدة لندن 1840 التي تمت بين بريطانيا وفرنسا وبروسيا والنمسا

وقعت دول أوروبا على عدة تحالفات منها التحالف المقدس 1815 بين روسيا وبروسيا والنمسا

انقسام أوروبا إلى تكتلين بارزين: الوفاق الثلاثي (فرنسا بريطانيا وروسيا) والحلف الثلاثي (ألمانيا والإمبراطورية النمساوية-المجرية وإيطاليا)

ظهور عدة أزمات دولية منها: أزمة البوسنة والهرسك 1908 وأزمة أغادير 1911 وأزمة البلقان الأولى 1912 والثانية 1913)


كل هذا الصراع والتحول في العلاقات الأوروبية كان له عوامل ونتائج، فقد تمثلت عوامل هذا التحول في:

نتائج الحروب الدينية الأوروبية خاصة حرب الثلاثين عاما التي حتمت على إبرام سلسلة من المعاهدات والاتفاقيات

مخلفات الحروب نابليون التوسعية

نتائج الثورات السياسية في أوروبا

ازدواجية المواقف من الحركات القومية بين غرب أوروبا وشرقها فقد عارضتها في ألمانيا وإيطاليا وأيدتها في البلقان لإبعاد الدولة العثمانية وحصارها في البر

اشتداد التنافس بين التكتلين الأوروبيين مما سينجم عنه تسابق رهيب نحو التسلح

من نتائج هذا التحول في العلاقات نذكر:

• ظهور مبدأ مونرو 1823 في الولايات المتحدة الأمريكية لإبعاد شبح الحرب الأوروبية عن القارة الأمريكية

• ظهور نتائج الصراع الأوروبي في المستعمرات على شكل أزمات والحروب كحرب البوير بين هولندا وبريطانيا 1899-1902 وحادثة فاشودة في السودان بين إنجلترا وفرنسا سنة 1898

• اشتداد التنافس الأوروبي حول الخلافة الإسلامية العثمانية من خلال حرب الإمتيازات كشركة لانش الفرنسية في الجزائر وقناة السويس البريطانيا في مصر واستغلال المشاعر القومية العربية ضد الدولة العثمانية


ختاما لما سبق فإن الصراع الأوروبي حول مناطق النفوذ والمواد الأولية بات أكثر حدة خلال القرن السابع عشر إلى الثمان عشر وهذا نذير بظهور حرب كبرى بين هذه القوى ستكون لها أبعاد عالمية لتسهم في تغير خارطة السياسية حسب رغبة المنتصر في هذه الحرب


بودكاست (البرنامج الصوتي)


تعليقات