الثورات السیاسية في بريطانيا، أمريكا، وفرنسا

 

اجتياح الشعب الفرنسي لسجن الباستيل (رسمة دي لوناي) 14 جويلية 1789
https://blogs.futura-sciences.com/luminet


تتمة لما بدأناه الحلقة الماضية، فإن أوروبا نهضت من سباتها العميق، وسرعان ما دحضت أفكار الكنيسة التي تجعل من الملك مفوض من الإله، راحت شعوب كل من بريطانيا وأمريكا وفرنسا بالثورة على الأنظمة الملكية الظالمة والمستبدة، وقامت ثورات كبرى بلغ صداها في كال أوربا وتغيرت أنظمة الحكم من الملكية المطلقة إلى جمهورية أو ملكية دستورية. هذا ما سنفصله في حلقة اليوم


سنذكر الأسباب التي على أساسها قامت الثورات الثلاثة من حيث التشابه والإختلاف. ونبدأ بالأسباب المشتركة للثورات السياسية الثلاثة، فحدثت الثورات بسبب: إيمان الملوك بالحق المقدس (التفويض الإلاهي) - التصرف المطلق في الحكم - إصدار الملوك للقوانين مجحفة في حق الشعوب دون موافقة البرلمان كقانون رفع الضرائب - تردي الأوضاع الاجتماعية

أما الأسباب الخاصة بكل ثورة فنجد اختلاف تاريخ قيام الثورات إذ تبدأ الثورة في بريطانيا عام 1688 تليها الثورة الأمريكية عام 1773 وأخرها الثورة الفرنسية عام 1789، الثورة البريطانية قامت لاستبداد أسرة آل ستيوارت بالحكم الجائر على الشعب البريطاني وسعي هذا الشعب لتقييد سلطة الملك مع التفويض الكلي للحكم للبرلمان - أما أمريكا فقد قامت الثورة ضد فرض التاج البريطاني المستعمر لشعب الأمريكي شراء منتجاتها الآسياوية، وكذلك فرض بريطانيا الضرائب على الشعب الأمريكي. أما في فرنسا فقد تحالفت طبقة النبلاء ورجال الدين مع الملك لقهر الشعب الفرنسي ورفع الضرائب، تردي الأوضاع الاجتماعية هناك، وكذلك فقدان الشعب للثقة في الحاكم وحاشيته

أما مجريات الأحداث في الثورات الثلاثة فيمكن تلخيصها:

الثورة البريطانية: الصراع بين الملك (أسرة آل ستيوارت) والبرلمان (المتمثل في اوليفر كرامويل) عام 1689م، لتتوج بريطانيا بالنظام البرلماني

الثورة الأمريكية: احداث بوسطن 1773 وبداية الاشتباكات المسلحة بين سكان المستعمرات وبريطانيا. - انعقاد مؤتمر فيلادلفيا الأول سنة 1774 الذي وحد 13 ولاية. ثم مؤتمر فيلادلفيا الثاني 1775 وعلى أثره تم اعلان الاستقلال في 4 جويلية 1776 (رفع شعار أمريكا للأمريكيين مبدأ مونرو 1823م)

الثورة الفرنسية: اقتحام سجن الباستيل في 14 جويلية 1789 - اعلان حقوق الانسان والمواطن في 26 أوت 1789 - أعدم الملك بالمقصلة في 21 جانفي 1793 - وفي 14 جويلية 1795 ستظهر النسخة الأولية من النشيد الوطني الفرنسي الحالي


لهذه الثورات آثار مهمة شاملة مختلف جوانب الدول لازالت باقية لوقتنا الحالي، وهي:

. سياسيا: قيام الولايات المتحدة في الأمريكية - قيام نظام ملكي دستوري في بريطانيا -قيام النظام الجمهوري في فرنسا. -قيام الحياة الدستورية المرتكزة على مبدأ الشعب مصدر السلطة. - إقرار الدستور الفدرالي في الولايات المتحدة الأمريكية. - صدور عدة قوانين تنظم الحياة السياسية والبرلمانية مثل (اللوردات والعموم). انتشار الوعي السياسي اعتماد نظام الحزبين. - تصدير الثورة إلى خارج أوروبا (الحروب النابليونية)

اقتصاديا: زوال نظام الاحتكار البريطاني في الو.م.أ  - القيام بإصلاحات اقتصادية في فرنسا.

اجتماعيا: حرية وإخاء والمساواة في فرنسا. - اعلان حقوق الإنسان والمواطن. - فصل الدين عن الدولة وتقيد سلطة رجال الدين المسيحين


ختاما لما سبق أستنتج أن وعي الشعوب وتخلصهم من ظلمات رجال الدين المسيحين الذين كانوا ينشرون الأكاذيب بين الناس -حسب اعتقاد الأوروبيين- ساعد على القيام بالثورات التي ستخلصهم من القيود وستسهم في رقيهم الاقتصادي والاجتماعي وحتى السياسي من خلال البرلمان الذي سيصبح منبر لترقية مجتمعات كل من بريطانيا - أمريكا - وفرنسا، إلا أن هذه الثورات السياسية ستخلق أيضا طبقة برجوازية ستتحكم في مقاليد الحكم وتوجه صناع قرار هاته الدول إلى سياسة التوسع للبحث عن أسواق جديدة والسيطرة على المواد الأولية من خلال الحركة الاستعمارية

بودكاست (البرنامج الصوتي)


تعليقات