جلوس فرنسا صاغرة في طاولة المفاوضات الجزائرية

الوفد الجزائري المفاوض في اتفاقيات ايفيان
http://www.radioalgerie.dz/ar/images/stories/EVIAN.jpg

 تكملة لما تم التطرق له سابقا، حيث أن الجزائر بمرت بمخاض عسير مدته سبع سنوات تكبدت فيها الويلات إلا أن الشغب الجزائري بقي مجاهد مناضل على أرضه رغن ما كادته فرنسا ضد هذا الشعب الأبي التي ظنت أنها قتلته ومحت آثاره، لتجد نفسها تجلس في طاولة المفاوضات رغما عنها، فيا ترى هل استسلمت فرنسا لشروط الجزائر؟ أم قاومت هي الأخرى لحماية مصالحها الاستعمارية الغير شرعية في هذه الأرض الطاهرة؟

قبل أن نعرج إلى ظروف قيام الدولة الجزائر، نتطرق إلى مراحل المفاوضات والتي مرت بمرحلتين وهما:

مرحلة جس النبض (الاتصالات السرية): حاولت فرنسا من خلالها معرفة أهداف الثورة ومدى حنكة قادتها وماهي أهم مطالبهم وحتى يتسنى لها الوقت في القضاء على الثورة وتمثلت هذه الاتصالات بالقاهرة ثم بلغراد وتوقفت بسبب اختطاف فرنسا الطائرة التي تحمل أعضاء جبهة التحرير الوطني في 22 أكتوبر 1956

المفاوضات العلنية (الرسمية):

محادثات مولان: في 25-29 جوان 1960 لكنها فشلت بسبب تعنت الموقف الفرنسي وتجاهله للمطالب الجزائرية

لقاء لوسرن بسويسرا: في 20 فيفري 1961م جاءت بعد مظاهرات 11 ديسمبر 1960. فشلت بسبب تعنت الموقف الفرنسي في فصل الصحراء عن الجزائر

مفاوضات إيفيان الأولى (20 ماي–13 جوان 1961): بعد حركة التمرد ضد ديغول في 22 أفريل 1961م أدرك ديغول ضرورة حل القضية الجزائرية لذلك التقى الوفدان في ايفيان الفرنسية وبسبب فصل الصحراء والامتيازات لبعض المواطنين وإشراك أطراف أخرى في التفاوض، فشلت المفاوضات وافترق الوفدان في 13 جوان 1961م، لتتجدد في لقاء بال بسويسرا من أكتوبر إلى نوفمبر 1961م وفيها تم دراسة العديد من القضايا مثل: سير المرحلة الانتقالية بين فرنسا والجزائر، وكذا التواجد العسكري في المرسى الكبير ومسألة الجنسية للمعمرين

مفاوضات إيفيان الثانية (7 – 18 مارس 1961) تم إدخال جملة من التعديلات على الاتفاقات السابقة بصورة دقيقة وانتهت بالتوقيع عليها في 18مارس1962 ووقف إطلاق النار في 19 مارس 1962 (عيد النصر) عند منتصف النهار

 ردود فعل المعمرين (الكولون): كان المعمرون ضد هذه المفاوضات والاتفاقيات لذلك قاموا بتأسيس المنظمة السرية L.OAS في أفريل 1961م وقاموا بعمليات إرهابية راح ضحيتها الكثير من الجزائريين


بإمضاء وثيقة وقف إطلاق النار في إيفيان لم يبقى الكثير لتحقيق الإستقلال، في هذا العنصر نبرز ظروف قيام الدولة الجزائرية:

وقف إطلاق النار في 19 مارس 1962

عقد المجلس الوطني اجتماعا في طرابلس في 25 ماي 1962 ليصادق على ميثاق طرابلس. 

إجراء الاستفتاء يوم01 جويلية 1962 الذي كان لصالح استقلال الجزائر بنسبة 99 بالمائة وفي 03 جويلية 1962 أعلن ديغول عن استقلال الجزائر رسميا وفي 05 جويلية 1962 أعلنت الجبهة استقلال الجزائر تزامنا مع تاريخ احتلالها. 

تكون الجمعية التأسيسية برئاسة فرحات عباس في سبتمبر 1962التي أعلنت في 26 سبتمبر 1962م عن قيام الجمهورية الجزائرية مع مراعاة ما جاء في ميثاق طرابلس، برئاسة أحمد بن بلة


ختاما لما سبق، فإن قوة الثورة الجزائرية بفضل الله وعزيمة الرجال والنساء دفعت فرنسا للرضوخ رغم تغطرسها وتجبرها إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات، إلا أنها تعنتت لموقفها الرامي إلى فصل الصحراء عن الجزائر، لكنها اصطدمت مع حنكة الدبلوماسيين الجزائريين المفاوضين وتوجت جهودهم بتوقيع وثيقة إيفيان وتحقيق الإستقلال، إلا أن فرنسا تركت في الجزائر مشاكلة جمة ستواجهها الدولة الجزائرية الفتية وسيكون التحدي الكبير في إعادة بناء الدولة الجزائرية. نذكر منها:

               إجتماعيا: مليون ونصف مليون شهيد ومئات الآلاف من اللاجئين والمهاجرين، بالإضافة إلى الأمراض والأوبئة وانتشار البطالة والفقر

إقتصاديا: تهريب رؤوس الأموال من قبل فرنسا، إنعدام الهياكل القاعدية، وتبعية شبه كلية لفرنسا

سياسيا: عدم وجود خبرة في تسيير البلاد، مشكلة التعامل مع بعض ما جاء في اتفاقية ايفيان


پودکست (برنامج صوتی)

تعليقات