تفجير الشعب الجزائري لثورته التحررية

مظاهرات الجزائريين بفرنسا (يوم المهجر) 17 أكتوبر 1961

الذكرى 57 لليوم الوطني للهجرة 17 أكتوبر 1961 ، نقل الثورة من أرض الجزائر إلى أرض فرنسا – بلدية عين السبت (apcainsebt.dz)


 تكملة لما سبق، فإن الشعب الجزائري تبلور وعيه وصار قادرا على توحيد صفه وتشكيل قيادة جماعية لقيام بثورة لدحر أقوى قوة عسكرية في ذلك الوقت، لكن لم يكن هذا الأمر بالهين، فقد استدعى تخطيط صارم وتنظيم الصفوف، هذا ما سنفصله في حلقة اليوم.


أولا نبين أسباب قيام ثورة التحرير الجزائرية والتي تنقسم إلى داخلية وخارجية:

أما الداخلية:

² فشل الاحزاب السياسية في تحقيق الاستقلال

² فشل الاصلاحات الفرنسية في تحسين أوضاع الجزائريين

² تدهور أحوال الجزائريين 

² مجازر 8 ماي 1945: 45 ألف شهيد 

² تراجع فكرة الادماج والتأكد من عقم العمل السياسي

أما خارجيا:

² ظهور وانتشار الحركات التحررية في العالم (تونس والمغرب)

² انهزام فرنسا في الهند الصينية (الفيتنام) ماي 1954

² حصول بعض الدول على استقلالها (سوريا ولبنان)


قبل تفجير ثورة أول نوفمبر 1954 كان لزاما التحضير والسرية التامة حتى لا يتفطن العدو، وقد مر هذا التحضير بمحطات وهي:

² تأسيس اللجنة الثورية للوحدة والعمل 23 مارس 1954

² اجتماع مجموعة 22 يوم 23 جوان 1954

² اجتماع مجموعة الستة في 10 أكتوبر 1954

² اجتماع الحسم يوم 23 أكتوبر 1954 وفيه تم: كتابة بيان أول نوفمبر


للقيام بثورة يجب تنفيذ إستراتيجية معينة، وإستراتجية ثورة التحرير الوطني إنقسمت بين إستراتيجية داخلية وأخرى خارجية، أما الإستراتيجية الداخلية فهي:

سياسيا وتنظيميا:

- التعبئة الشعبية عن طريق اصدار بيان أول نوفمبر 1954 للتعريف بثورة التحرير الوطني

- عقد مؤتمر الصومام 20 أوت 1956 بقرية افري أوزلاقن، وادي الصومام، منطقة أكفادو ببجاية: أطرافه المشـاركة: حضـره معظم القادة باسـتثناء قادة المنطقة الأولى لاستشهاد مصـطفى بن بولعيد أما الوفد الخارجي، ترأسـه العربي بن مهيدي وعبان رمضـان وقادة المنطقة الثانية زيغود يوسف...

أما أهدافه فتمثل في تقييم سنتين من الثورة، الحاجة إلى تخطيط والتنظيم لمستقبل الثورة، إقناع المترددين بالالتحاق بالثورة. أما قرارته فقد صدرت وثيقة عرفت ب: ميثاق الصومام، وأهم ما جاء فيها: - المجلس الوطني للثورة الجزائرية بمثابة. برلمان الثورة متكون من 34 عضو – إنشاء لجنة التنسيق والتنفيذ متكون من خمسة أعضاء (هيئة تنفيذية المسؤولة امام المجلس الوطني) - التنظيم الإداري والعسكري: تقسيم الجزائر إلى 6 ولايات حربية بإضافة الصحراء بقيادة سي الحواس. - إقرار مبدأ القيادة الجماعية والأولوية للداخل على الخارج والسياسي على العسكري. 

تدويل القضية الجزائرية. - تنظيم جيش التحرير الوطني بتحديد الرتب وتقسيمه الى جندي، فدائي، مسبل والوحدات. - وضع قيادة جماعية للثورة وتحديد أولوية الداخل على الخارج

- التأطير الجماهيري (اتحاد الطلبة 13 جوان 1955 والإتحاد العام للعمال الجزائريين 24 فيفري 1956)

- النشاط الإعلامي (جريدة المجاهد – المناشير – الكتابات الحائطية – تأسيس إذاعة صوت الشعب 1 جانفي 1957)

- التنظيم المؤسساتي: إنشاء جبهة التحرير الوطني، جيش التحرير الوطني، لجنة التنسيق والتنفيذ (مكونة من 5 أعضاء)

- إضراب 8 أيام في 28 جانفي 1957

عسكريا:

- إنشاء قيادة الأركان في جيش التحرير الوطني

- تنظم الرتب العسكرية

- تقسم الجزائر إلى 5 ولايات حربية وإضافة السادسة بعد مؤتمر الصومام

- إنشاء جيش الحدود

- نقل الثورة إلى فرنسا في 15 أوت 1958

قيام قيادة المنطقة الثانية (الشمال القسنطيني) بهجومات على العدو الفرنسي عرفت بهجومات الشمال القسنطيني في 20 أوت 1955 وسبب القيام بهذه الهجومات القوية وفي وضح النهار هو الحصار الذي ضربه الاحتلال الفرنسي على المنطقة العسكرية الأولى الأوراس، ومن خلال هذه الهجومات فقد سعى قادة الشمال القسنطيني لفك هذا الحصار. وأيضا استشهاد قائد المنطقة الأولى ديدوش مراد واعتقال مصطفى بن بولعيد ورابح بطاط. ومن نتائج هذه الهجومات، فك الحصار على منطقة الأوراس، تأكيد قوة الثورة، وأيضا نقل الثورة من الأرياف إلى المدن، وسقوط حكومة منديس فرانس

أما على المستوى الخارجي فقد تمثلت إستراتيجية الثورة في:

التمثيل الدبلوماسي: محمد بوضياف المنسق العام للثورة وحسين آيت احمد وأحمد بن بلة ومحمد خيضر يمثلون الوفد الخارجي. المشاركة في المحافل الدولية من باندونغ إلى القاهرة المصرية، التعريف بالقضية الجزائرية في هيئة الأمم المتحدة، مساهمة فريق جبهة التحرير الوطني في التعريف بالقضية الجزائرية في ملاعب العالم، الدعم المادي والمعنوي للثورة الجزائري من الصين ومصر وروسيا

إنشاء حكومة الجزائر المؤقتة في 19 سبتمبر 1958 بالقاهرة

إنشاء فدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا والتي خططت لمظاهرات 17 أكتوبر 1961


بنت ثورة التحرير إستراتيجية قوية ومحكمة استطاعت ضرب الاحتلال الفرنسي في الصميم، إلا أن هذا الأخير عمدة لثورة مضادة استعمل فيه الإغراءات كما نهج القمع، وانقسمت إلى مستويين داخلي وخارجي، ومن هذه الردود نذكر:

في الداخل:

² المخططات العسكرية:

فرض حالة الطوارئ في 3 أفريل 1955 في الأوراس وبلاد القبائل

تَطْبِيق سياسة التجويع وإخضاع المواد الغذائية للتقنين بهدف قطع الدعم عَنْ الثورة  

إقامة المحتشدات وتدمير القرى 1955

إنشاء مراكز التعذيب كمدرسة “جندارك” فِي سكيكدة

إنشاء المناطق المحرمة  

إنشاء مكاتب الإدارية المتخصصة SAS 26 سبتمبر 1955 

إنشاء الخطوط المكهربة: خطي موريس 1957-1958 وشال 1958-1959 لجزأرة الحرب  

تَطْبِيق مخطط الجنرال شال 1959 المتمثل فِي (القيام بالعمليات العسكرية مثل: عملية التاج بالولاية الخَامِسَة – تنفيذ حق المتابعة فِي الخارج – استعمال الأسلحة المحرمة دوليا مثل النبالم – الاستعانة بقوات حلف الشمال الأطلسي)

² المخططات الأغرائية

مشروع جاك سوستال 15 فيفري 1955

مشروع قسنطينة 3 أكتوبر 1958 وهو مشروع قدمه الحنرال ديغول بهدف: فصل الثورة عن الشعب – ربط الجزائر أكثر بفرنسا بخلق طبقة برجوازية موالية لفرنسا

إظهار أن ثورة التحرير هي ثورة جياع

سلم الشجعان 23 أكتوبر 1958: مشروع ديغول يقضي بتسليم المجاهدين أنفسهم وأسلحتهم مقابل منحهم الحرية، هدفه إجهاض الثورة

² المخططات السياسية

إنشاء القوة الثالثة: الحركات المناوئة للثورة كحركة كوبيس والباشاغا بوعلام

إجراء استفتاء حول دستور الجمهورية الرابعة 28 جويلية 1958 وتزوير نتائجها

مشروع حق تقرير المصير 16 سبتمبر 1959

² مشاريع التقسيم

مخطط هيرسان 1957: تقسيم شمال الجزائر إلى ثلاث مناطق: قسنطينة (حكم الذاتي)، تلمسان (حكم ذاتي). الجزائر ووهران (إقليم فرنسي) الصحراء (إقليم فرنسا)

مخطط تجميع المستوطنين (آلان بيرفت) 1961: في العاصمة والغرب والصحراء الجزائرية

فصل الصحراء عن الجزائر

أما على المستوى الخارجي :

اعتبار القضية الجزائرية شأن داخلي فرنسي ومعارضة عرضها في المحافل الدولية

القرصنة الجوية واعتقال القادة الخمسة يوم 22 أكتوبر 1956 (بن بلة – حسين آيت أحمد – محمد خيضر – محمد بوضياف – مصطفى الأشرف)

المشاركة في العدوان الثلاثي على مصر أكتوبر 1956

قصف ساقية سيدي يوسف 8 فيفري 1958 (70 شهيد من تونس والجزائر)

التعجيل باستقلال 14 دولة عام 1960 للتفرغ للجزائر

قمع مظاهرات المهاجرين 17 أكتوبر 1961 في باريس


ختاما لما سبق، فإن الثورة التحريرية رغم ضعف الإمكانيات وقلة العدة والعتاد وتسلط الأعداء على الشعب الجزائري الأبي، إلا أن قوة العزيمة والإيمان الجازم بالله وأن القضية الوطنية قضية عادلة، انتصرت الثورة ولم تحقق المخططات الاستعمارية، وتمثل هذه الانتصارات في: 

كسب الثورة للتأييد الدولي واعتراف الأمم المتحدة بحق تقرير المصير للجزائريين في 29 ديسمبر 1960

تعثر الدبلوماسية الفرنسية حيث انتقلت الثورة إلى فرنسا

ارتقاع نفقات خزينة فرنسا بسبب جيشها

توالي سقوط سبع حكومات فرنسية منذ 1954

تمرد العسكري الفرنسي 13 ماي 1958 في الجزائر وظهور الجمهورية الخامسة بقيادة الجنرال ديغول في 4 أكتوبر 1958

محاولة الإنقلاب ضد ديغول 22 أفريل 1961

إلتفاف الشعب حول الثورة خاصة بعد مظاهرات 11 ديسمبر 1960

إنشاء المنظمة السرية OAS بقيادة الجنرال سالان يوم 11 فيفري 1961 الرافضة للتفاوض مع الجزائر

قبول فرنسا صاغرة التفاوض مع الجبهة "حكومة الجزائر المؤقتة"، وهذه النقطة الأخيرة هي موضوع الحلقة القادمة


بودكاست (البرنامج الصوتي)

تعليقات