مقاومة الشعب الجزائري للاستعمار الغاشم

 

المؤتمر الإسلامي الجزائري الجامع 7 جوان 1936
  https://binbadis.net/archives/594    

تكملة لما تم التطرق له سابقا، مما قامت به فرنسا من انتهاك لدين والأعراف الجزائرية وازهاق للأرواح التي ناضلت لتبقى أرضها حرة أبية، فلم تحترم فرنسا حقوق الإنسان التي لطالما تشدقت بمبدأ الأخوة والمساوات والحرية لكن الشعارات الرنانة تستعمل لتغفيل الشعوب. وكما يقال فإن لكل فعل ردة فعل، لذا فقد قام الشعب الجزائري بمقاومة شرسة اعتمد فيها كل الأساليب الممكنة لإخراج العدو.

سنتعرف قبلا على أنواع الأساليب التي اعتمدهم الشعب الجزائري في نضاله الشرعي.

المقاومة العسكرية: أحد أنواع النضال المسلح، اعتمد على القوة العسكرية، وهو نوعين: رسمية – شعبية، امتد من 1830 لغاية بداية القرن 20م، لكنها انقطع استعمال هذا الأسلوب مدة ليعود الاعتماد عليه بقوة من خلال ثورة الفاتح نوفمبر 1954

المقاومة السياسية: أحد أنواع النضال السلمي، اعتمد على الأحزاب السياسية، العرائض، المظاهرات...امتد زمنيا من بداية القرن العشرين لغاية 1954 وتواصل خلال ثورة التحرير الوطني

وقد هدف الشعب الجزائري من خلال مقاومته العادلة للاحتلال الغاشم إلى:

التخلص من الوجود الاستعماري

إعادة بناء الدولة الجزائرية ذات سيادة

بعث الهوية الوطنية الجزائرية

حماية ثروات البلاد من استنزافها

محاربة الاستيطان والاندماج مع فرنسا


والآن سنفصل في أساليب المقاومة الجزائرية ونقدم أمثلة لكل أسلوب.

المقاومة العسكرية

1. المقاومة الرسمية (1830-1848):

- معركة السطاوالي 19 جوان 1830

- مقاومة الحاج أحمد باي 8 نوفمبر1836

2. المقاومة الشعبية (1832-1848)

- مقاومة الأمير عبد القادر بداية 17 أفريل 1832

- ثورة الزعاطشة 16 جويلية إلى 26 نوفمبر 1849

- مقاومة لالة فاطمة نسومر 1851-1857

المقاومة السياسية

1. العرائض والرسائل وارسال الوفود

- عريضة أعيان قسنطينة إلى البرلمان البريطاني يظهرون فيها الاعتداءات الفرنسية على الجزائريين عام 1833

- ارسال الوفد بقيادة ولد قاضي باش آغا فرندة سنة 1878

2. ظهور الاتجاهات السياسية والاصلاحية

نخبة المحافظين: ظهرت بمبادرة فردية من قبل عدة علماء منهم عبد الحليم ابن سماية، عبد القادر المجاوي، هدفها اصلاح المجتمع

النخبة الليبرالية (المجددة): التي تخرجت عن المدارس الفرنسي والتي تدعوا إلى الاندماج مع فرنسا منهم بن تهامي

3.تبلور التنظيمات السياسية والإصلاحية

الاتجاه الاصلاحي: تزعمه عام 1919 الأمير خالد، الذي أرسل مطالبه إلى الرئيس الأمريكي ويلسن، وأسس حزب الإخاء الجزائري عام 1922

الاتجاه الثوري الاستقلالي: الذي قاده مصالي الحاج بتأسيس نقابة نجم شمال افريقيا في فرنسا قبل أن يصبح حزبا 1926 وقد تطور سنة 1927 وأعلن الأمير خالد رئيس شرفي، إلا أن هذا الحزب تعرض للحل عدة مرات وأعيد بناءه بأسماء مختلفة، حزب الشعب الجزائري 1937، وحركة انتصار الحريات الديمقراطية 1946، وظهر منه المنظمة الخاصة 1947، إلا أن هذه الحركة تعرضت لأزمة ما بين 1950-1953 والتي كانت سببا في اندلاع ثورة أول نوفمبر 1954

فدرالية النواب المسلمين الجزائريين: من أبرز قيادته ابن التهامي محمد الصالح بن جلول وفرحات عباس الذين يدعون إلى إدماج الجزائريين في المجتمع الفرنسي، إلا أن المؤتمر الإسلامي 7 جوان 1936 حدث انقسام داخل الحزب ليظهر اتجاه يدعوا إلى التجنيس دون التخلي عن الهوية الوطنية وقد دعم هذا الاتجاه فرحات عباس

جمعية العلماء المسلمين الجزائريين: تأسست في 5 ماي 1931 بنادي الترقي (ساحة الشهداء الجزائر) حيث انتخب العلامة عبد الحميد ابن باديس رئيسا للجمعية، تدعوا لإصلاح أحوال الشعب الجزائري ومحاربة الخرافات والبدع، ركز نضالهم على استثمار العنصر البشري الجزائري

الحزب الشيوعي الجزائري: نشأ عن الحزب الشيوعي الفرنسي 1924 ليصبح حزبا جزائريا عام 1935 يدعوا لتحسين أحوال العمال وظروف معيشتهم ورفع الأجور، إذا هو حزب اجتماعي، يتزعمه عمار آوزقان


كما أن لكل فعل نتائج، فإن للمقاومة سالفة الذكر منها عسكرية وسياسية لغاية 1945 نتائج ومن نتائجها نذكر:

فشل المقاومات الشعبية في اخراج المستعمر لكن استمر الرفض الشعبي من خلال بقاء روح المقاومة

فشل المخططات الاستعمارية الرامية إلى إذابة المجتمع الجزائري والشخصية الوطنية

إدراك الشعب الجزائري لأهمية الوحدة والتلاحم رغم الاختلافات الفكرية ويظهر ذلك من خلال المؤتمر الإسلامي 1936 وبيان 10 فيفري 1943

كشف كذب فرنسا في الإيفاء بوعودها وتجسد في مجازر 8 ماي 1945

أظهرت الحركة الوطنية بجميع أطيافها قدرة الأمة الجزائرية على الدمج بين الأصالة والمعاصرة

تمكنت المقاومة بأساليبها ووسائلها من إعداد لجيل الذي قاد ثورة التحريرية المباركة


ختاما لما سبق أستنتج أن المقاومة صمدت في وجه المستدمر الفرنساوي رغم ما قام به في حق المناضلين إما المقاومة الشعبية فقد حجزت أراضي كل من رفع السلاح ضدها، أو من ناضل بقلمه فسجنته وعذبته أو نفته، لكن هذا لم يزد الشعب إلا عزمة وإرادة فظهرت في أوساطه رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وهؤلاء الثلة بنوا أنموذج للتحرر من خلال تنظيمهم لثورة لم يعرف لها مثيل في القرن العشرين، هذا ما سنفصله في الحلقة القادمة بإذن الله


بودكاست (البرنامج الصوتي)

تعليقات