تغيير موازين القوى (الحضارة) العالمي

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، اما بعد:
تتسارع الأحداث وتتداول الأيام وتتوالى التصريحات الزعماء، وتبين لنا أن العالم في تغيير مستمر وبخاصة في الجزيرة العالمية، التي يتصارع من أجلها الدول إستنادا للنظريات الجيوبوليتكية الحديثة (سپيكمان، ماهان...إلخ)، فيعتبر الإتفاق الروسي-التركي-الإيراني، وترأس روسيا للإتحاد الإسلامي في الإمارات، والتوافق الإيراني-الإماراتي-العماني، والإتفاق الخماسي لبحر القزوين (مارس2018) و إنشاء الصين للحزام والطريق (إحياء طريق الحرير)، و الإتفاق التركي مع الدول ذات الأصل التركي (باكو-14 أكتوبر 2019)، وعمليات نبع السلام في شمال سوريا، والإتفاقيات التركية المبرمة مع الدول التي كانت فيها الأسر العثمانية (بداية من 2011)، وإعلان عمران خان (باكستان) للوساطة بين إيران والسعودية، وإعلان ترامب للخسارة في أفغانستان، كل هذه الأحداث تدل على بروز قوى جديدة تشكل بفضلها نظام متعدد الأقطاب، فأصبحت تركيا تحل الأزمات الإقليمية وخروج كل من إيران وباكستان من قوعتهم وبداية تحضيرهم لزعامة الحضارة الإسلامية وفي المقابل تدعو تركيا لينظو تحت زعامتها تحالف إسلامي تركي باكستاني ماليزي قابل للتوسع والتمدد، وعليه فهذا تهديد للمشروع الإماراتي-السعودي بزعم العالم الإسلامية رغم ما خسرت هتين الدولتين من أموال تدعيما لمليشياتها في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أما القوى الثانية في نظام متعدد الأقطار فنجد روسيا التي عرفت قانون اللعبة وإحتوت القوى الإسلامية في المنطقة تركيا وإيران فأخذت من تركيا وعودا بإعفاء سفنها من الضرائب بعد إستردادها مضيق البوسفور، وهذا الإتفاق مكن من التدخل في الشأن السوري فمكن لبوتن أن يحقق حلم جده الأكبر الدب القطبي بطرس الأكبر بإحتلال ميناء طرطوس، اما فيما يخص التوافق الروسي الايراني فقط سمح نظام الملالي برفع الراية الروسية في بحر القزوين (حسب اتفاقية ماي 2018) وهو تكملة لإتفاقية العار تركمانچاي (1820) في عهد القاجاري، اما فيما يخص القوى الثالثة في نظام متعدد الأقطاب الصين التنين المغولي الذي يأكل الأخضر واليابس، وتم لهم ذلك بالمشروع القرن الحزام والطريق وبقوى ناعمة أكلت نقاط من الدول سمحت روسيا بها للصين في إطار الشراكة الصينية-الروسية فمن هبات للدول أصبحت الصين تتحكم في تلك الطرق بتمرير سلعها دون ضريبة، فالأموال التي أنفقتها ستعود لها بالكثير، وقد انتهج المغول الجديد بأكل الأخضر واليابس عن طريق الإستخبارات بواسطت ثورة هاتف هواوي ذلك الهاتف الذي غزا العالم بمميزاته، اما القوى الرابعة وهم الغرب ووضعتهم في المرتبة الرابعة لأن نفوذهم تضائل وساد الضعف داخل كاينهم من خلال:
-ظهور ترامب في الساحة الأمريكية كان مبرمجا، مشابها لظهور خروتشوف في أواخر عهد الإتحاد السوفياتي، كون ترامب رجل مال لا يهمه سوى المال وقد يتنازل عن عزة أمريكة في سبيل المال ودليلي على ذلك تنازله عن أفغانستان وجعلها ورقة ضغط على إيران والصين وروسيا لاعطاءه المال وبعدها سيتخلى عن افغانستان ويدخل طالبان في السلطة الافغانية، استفزاز ترامب لملك السعودية في عدة قضايا (خاشقجي، وبؤبؤ إيران) في سبيل الحصول على المزيد من المال.
-‏تخليه عن النقاط الإستراتيجية لمواجهة المد الروسي في محور مينا وأبرزها أفغانستان وإفريقيا ولأجل هذه الأخيرة عقدت روسيا مؤتمر إفريقيا-روسيا للإستثمار في 23-24 أكتوبر 2019 في سوتشي بتركيز روسيا على أربع أشياء يجد أن تتبادلها (تنتزعها من افريقيا) المعلومة-العقول-اليد العاملة-القواعد العسكرية وقد مثل السيسي الدول الإفريقيا
-‏النقطة الثالثة التي وددت أن أتطرق لها مستقلة وهي قضية تخلي ترامب على وصية ولسن بمساندته للأكراد من خلال إنسحابه من شمال سوريا وترك الفراغ لروسيا وتركيا لإستمالة الأكراد، وهذا خطأ جسيم سيكلف أمريكا والحضارة الغربية خسائر باهضة في الشرق الأقصى وسينتقل للشرق الأدنى، فبعد تصريح لافروف العاطفي بتخلي الأمريكي عن الأكراد وتلميحية بأن روسيا هي البديل سيجعل روسيا هي المسيطر على الأكراد وعليه فستفقص عين أمريكا اليسرى وتبقى فقط اليمنى وهم الكيان الصهيوني وهذا الأخير ممكن أنه سيتغير على أمريكا والغرب لحضة إنتهاء مصالحه معهم أو إذا ما تحالف مع الكيانات العربية كلها (سوريا-الأردن-لبنان-السعودية-اليمن-عمان-الأمارات-البحرين-الكويت-قطر) وهذا هو المرجح، والله أعلم
إن أصبت فمن الله وحده وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان، اللهم أنصر أمة الإسلام والمسلمين وأرفع رايتهم وأزل البلاء عنهم ووحد صفوفهم وإزع البغضاء من قلوبهم، والحمد لله أولا وآخرا

تعليقات