النفوذ الروسي على الشرق الأوسط

تاريخ آينيه گذشته است ودرس حال

      بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
      الشرق الأوسط منطقة كثيرة التغيرات والثورات منذ العصور القديمة، إذ تصارع عليه الرومان والبزنطيون والروس وغيرهم كثير، أما الروس والتي لازالت لها دور كبير في النطقة حاليا، التي لم تظهر كقوة مهيمنة إلا مع تأسيس أول قيصرية روسية.
        أسس  (إيفيان الراهب) النظام القيصري في الروسية سنة 1530م وكان أول من أسمى نفسه القيصر، إذ إستطاع توحيد الأقاليم الروسية منها سيبيريا وضمها إلى إمبراطوريته العظيمة، وبدأ يفكر كيف يستحوذ أكثر على ثروات الشعوب الأخرى، إلا أنه لم يتمم مشروعه سرعان ما توفي في 1588م، "ورأي أن تعظم روسيا لم يأتي إلا ببداية ضعف القوى الإسلامية (الدولة العثمانية) والصراع الإسلامي الإسلامي (العثماني-الصفوي) وكان التحصيل الحاصل أن يظهر أباطرة روس يحاولون إغتنام الفرصة وقلب الطاولة على المسلمين وخاصة بعد أن بدأت هولند وإسبانيا وفيما بعدها بريطانيا وفرنسا بالإستحواذ على الطرق التجارية التي كانت في حوزة المسلمين".
        وبقيت روسيا تطمع في أن تسولي على الشرق الأوسط خاصة المناطق الإستراتيجية (بحر الخزر/القزوين-البحر الأحمر- البحر الفارسي/العربي- المضائق الكبرى) حتى جاء القيصر الذي غير معالم المنطقة ومعالم روسيا إذ تأثر بأوروبا أشد التأثر ونحده غير حتى مظهر وملبس خادميه وحاشيته، وبدأ سياسته التوسعية على الشرق الأوسط ليعلن مشروعه الهادف للوصول للمياه الدافئة (المديتيراني)، وطبق مشروعه من خلال عقد معاهدة صارمة مع الدولة العثمانية (كاد الخلاف العثماني الروسي أن يأدي لحرب في المنطقة، حيث تدخل المجتمع الدولي آنذاك لتقريب وجهات النظر وتوسط فرنسا لعقد إتفاقية الصلح بين الدولتين عام ) الإتفاقية التي من خلالها قسموا بلاد فارسي التي كانت قد سقطت في يد الأفغان سنة  1722 م إثر موقعة گلنباد/ گلن آباد (غلنباد)، وكان الخلاف بين الدولتين قائما على داغستان التي كانت تابعة لدولة الصفوية بموجب إتفاقية قصر شيرين 1639م إلا الروس توسعت على حسابها، فثار العثمانيون ولوحوا بالتوقف الفوى وإلا اشعال الحرب. ومع التقسيم حضيت روسيا بالمناطق المجاورة لبحر الخزر/قزوين وهم گيلان-گرگان-مازندران، لكن مع مجيء نادر شاه سنة 1728 م إضطرت روسيا بقوة القائد القومي نادر أن تتخلى على المناطق التي إستولت عليها بموجب ذلك وكان ذلك في عهد القيصرة الضعيفة آنا، حيث كاد نادر شاه أن يهدد روسيا في بحر الخزر/القروين والخليج الفارسي/العربي بتأسيس أول أسطول بحري فارسي لولا تحالف روسي- قزلباشي وقتل نادر شاه سنة 1747 م ويعتبر بداية من هذا التاريخ تحول السياسي والعسكري لصالح روسيا في الإستيلاء على مناطق النفوذ في الشرق الأوسط، فإستولوا في العهد القجاري على بحر القزوين بعد تسليم القجاريين للبحر كهدية للروس، وإستولوا على شمال بلاد فارس بالتدريج منذ أواخر العهد القجاري، ومن هنا تعاظم دور روسيا في المنطقة وإستنزاف خيراتها، ومع بداية القرون العشرون توسع نفوذها على أذربيجان وأرمينيا وعليه فمع نهاية الحرب العالمية الأولي تمركزت أكثر في المنطقة، وبقيت الروس كقوة في أفغانستان وكزخستان ودول المسلمة داخل الإتحاد السوفياتي، إلا أن مشروعهم لم يكتمل فلم يستولوا على البحر الأبيض المتوسط، ولكن مع سقوط الإتحاد السوفياتي ظنت أمريكا أنها إستولت على العالم فبدأت تحاول قلب الأنظمة الإشتراكية إلى الإمبرالية، إلا أنها لم تفلح، وبناءا عليها فقد أصبحت روسيا في ضعف وفساد كبيرين، وفي بداية القرن الواحد والعشرون ظهر في روسيا من يعد أمجاد الدولة كقوة مهيمنة وشاهدة على زوال الحضارة الغربية، وهو شخصية فلادمير پوتن الذي سار على خطى بطرس الأكبر وإستطاع تحقيق ما لم يحققه سابقوه بالإستيلاء على المياه الدافئة (الميديتيراني) على حساب تدمير سوريا وتشريد آلاف المسلمين حيث دعاه المغضوب عليه شعبيا ودوليابشار الأسد لإبقاءه على العرش مقابل السماح له بالإستيلاء على مناطق حيوية منها ميناء طوطوس، وقد شكل التحالف الثلاثي الروسي-التركي-الإيراني ركيزة روسيا في المنطقة، وسيكون لروسيا منطقة عبور آمنة لسلعها عبر البحر الأسود مرورا بمضيق البوسفور إلى ميناء طرطوس إستقرارا بالبحر الأبيض المتوسط. وعليه فإن العبر التاريخية المستخلصة من حديثنا هو من جد وجد ومن زرع حصد، فأين جدنا نحن المسلمين وماذا حصدنا ؟

الحديقة الخلفية هي إحدى النظريات الجيوپوليتيكية التي طبقتها روسيا للإستيلاء على الجزيرة العالمية (إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية)، لكن أين هي قوى المسلمين من هذا الإستيلاء؟ لماذا بقيت دولنا خمولا جمودا غير مستعدة للإتحاد وتشكيل إتحاد إسلامي حقيقي؟
والحمد لله أولا وآخرا

تعليقات