توغل فرنسا في إحتلالها للجزائر https://maghrebhistory.com |
تكملة لما تم التطرق له سابقا، فقد أجمعت دول أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية على إسقاط الأسطول البحري الجزائري ومن تم بطريقة غير مباشرة تدمير دولة الجزائر البحرية، خاصة في مؤتمر إكس لاشابيل في فرنسا عام 1818، وعليه فقد بدأت فرنسا تحضر خطتها لاحتلال الجزائر، لكن السؤال المطروح هل فعلا أرادت فرنسا احتلال الجزائر في هذا التاريخ؟ أم كان قبل هذا التاريخ؟ وهل للقرصنة البحرية حسب زعمهم عامل مهم لدخول فرنسا الجزائر؟ أم كان لها أسباب أخرى لم تكشفها لجيرانها الأوروبيين في مؤتمر إكس لاشابيل؟ كل هذا وأكثر سنفصل فيه في حلقة اليوم والموسومة بعنوان: الإحتلال الفرنسي لدولة الجزائر البحرية
لم تكن سنة 1830 إلا ثمرة مجهود وخطط فرنسية وقد سخرت لها طاقات كبيرة كي تغنم بأرض الجزائر الثرية، إذا ليس الهدف الفرنسي من غزو واحتلال الجزائر تأديب الداي ولا منع القرصنة الجزائرية كما ادعت أوروبا في مؤتمر إكس لاشابيل بل تعده لأبعد من ذلك، وقد راح بعض المؤرخون يرجعون أن فرنسا كانت تخطط للضفر بالجزائر والقضاء على الدين الإسلامي فيها منذ عهد لويس القديس (لويس التاسع) ملك فرنسا ما بين 1226-1270 حينما قال أن المسلمين لا يمكن الفوز عليهم عسكريا وإنما بإغرائهم وضرب أخلاقهم والعبث بنسائهم، إلا أن الثابت أن فرنسا بدأت تخطط فعليا لاحتلال دولة الجزائر البحرية منذ القرن الثامن عشر أي خلال الثورة الفرنسية ودعم الفكرة فيما بعد نابليون بونبارت (1804-1814) فقد قاموا بوضع مشاريع لاحتلال الجزائر من خلال إرسال جواسيس على أساس أنهم باحثون، ومن هذه المشاريع نذكر: مشروع ديبوا تانفيل (1801-1808)، مخطط تيدينا 1802، مشروع بوتان 1808، وهذا الأخير هو المشروع الأكثر قبولا في أواسط رجال الحرب الفرنسيين وأكثر صيميمة لاحتلال الجزائر وهو من قال بوجوب خداع الجزائريين والتوجه لسيدي فرج لأن ثغرة عند أغاوات الجزائر. وبعد كل ما تم التطرق له، ماهي اسباب فرنسا الحقيقية التي دفعتهم لهذا التخطيط المحكم وإحتلال الجزائر؟ رغم أن الجزائر ساعدتهم في الكثير من أواقاتهم العصيبة.
من الأسباب الغير مباشرة والحقيقية لإحتلال الجزائر نجمل:
أ- الأسباب الاقتصادية :
• رغبة فرنسا السيطرة على أموال خزينة الدولة الجزائرية
• استغلال خيرات البلاد (القمح).
• نية فرنسا عدم تسديد ديونها الخارجية والمقدرة ب24 مليون فرنك فرنسي
ب- الأسباب الاجتماعية :
• أزمات فرنسا الاجتماعية بعد حروب نابليون والحصار المفروض عليها.
• تزايد التذمر الاجتماعي الداخلي في فرنسا ضد الحكومة و الملك
• البطالة و انتشار الفقر.
ت- الأسباب السياسية :
• محو هزائم فرنسا في مصر، أوربا، والعالم الجديد.
• إشغال الجيش الفرنسي بالجزائر عن التفكير في انقلاب داخلي.
ث- الأسباب الحضارية :
• استمرار الصراع الحضاري و الثقافي
• الحقد الصليبي اتجاه الإسلام و المسلمين.
• ظاهر فرنسا وإبراز جهودها وتفانيها في خدمة المسيحية أمام العالم المسيحي بحملتها على الجزائر
إلا أن فرنسا إتخذت ذريعة وهمية كسبب مباشر وغير حقيقي لهذا الغزو والاحتلال، وهو حادثة المروحة في 29 أفريل 1827 في أول أيام عيد الفطر حينما أتى القناصل الأوروبية للمعايدة، فقام القنصل الفرنسي بيار دوفال بإستفزاز الداي وتحديه بعدم تسديد فرنسا لدينها المتمثل في القمح الذي أقرضته الجزائر لفرنسا أيام المجاعة، فكان رد الداي بأن لوح عليه بالمروحة بمغادرة القصر وقد كانت فرصة ذهبية لفرنسا بأن تثير هذه القضية باسم الثأر لشرف فرنسا، وكان من إشتراط فرنسا على الداي حسين للإعتذار هو رفع الراية الفرنسية في حصون الجزائر وهذا إهانة لدولة الجزائر البحرية فرفض الداي إذلال الشعب الجزائري بهذا الفعل، وهنا بدأت فرنسا تحضر لإحتلال الجزائر وهو السيناريو الأمثل والفرصة المناسبة لتصبح فرنسا ثرية باحتلالها الجزائر. ففي 16 جوان 1827 فرض حصار بحري على الجزائر وكانت قد رحلت معظم السفن الحربية الجزائرية في بداية 1827 لنصرة العثمانيين في معركة نافرين باليونان وفي 31 جانفي :1830 الاستعداد للحملة العسكرية وعلى رأسها الكونت دي وبرمون بجيش قوامه 37612 جندي و27 ألف بحار تقلهم 567 سفينة. 16 ماي 1830 انطلاق الحملة.
14- جوان :1830 النزول في سيدي فرج. وفي 19 جوان وقعت معركة سطاوالي الذي انهزم فيها الجيش الجزائر ومن أسباب الهزيمة جهل الأغا إبراهيم بفنون الحرب
05-07-1830 توقيع الداي حسين وثيقة الاستسلام.
بعد أن بينا الأسباب الغير مباشرة والمباشرة، ومن تم مراحل فرنسا لإحتلال الجزائر، والآن سنتطرق للأهداف، وجلها بعيدة المدى، سعت فرنسا لتجسيدها حتى تبدل العرق الجزائري بعرق آخر والدين الجزائر بدين آخر وتفسد قيم الجزائرين وأخلاقهم، ومن بين الأهداف نذكر:
• تنصير الجزائريين ومحو الشخصية الوطنية.
• اتخاذ الجزائر كقاعدة للتوغّل في عمق إفريقيا ومنافسة بريطانيا والتضييق عليها في مناطق نفوذها
• السيطرة على خيرات البلاد والتخلص من الديون
• نشر القيم واللغة الفرنسية
• مجال جغرافي لتوطين الفرنسيين
• تحويل الجزائر إلى سوق لتصريف فائض الإنتاج الفرنسي ومصدر للمواد الأولية
ختاما لما سبق أستنتج أن فكرة الاحتلال ليس هدفها نشر الحضارة ولا تحرير الجزائرين من سلطة الأتراك حسب زعمهم وإنما لمحو الهوية الإسلامية في الجزائر واستنزاف خيراتها لتصبح فرنسا تعيش أياما سعيدة وتقلب أحوال الجزائرين بأس ومجاعة، وكل هذا لم يكن لو بقيت دولة الجزائر البحرية قوية ولم ينخر الفساد والبضخ والظلم أساس الدولة الجزائرية، فربما كان الإستعمار بداية صفحة جديدة ليعيد الجزائرين ترتيب أحوالهم وبناء دولتهم الجديدة مستقبلا على أساس متين.
تعليقات
إرسال تعليق