حلقة اليوم: العلاقات الداخلية والخارجية للعالم الإسلامي في التاريخ الحديث
مثلت الدولة العثمانية حامي حمى العالم الإسلامي خلال التاريخ الحديث، وهذا ما حتم عليها إيجاد علاقات مع دول عدة، منها المشرق والمغرب الاسلامی من جهه واوروبا من جهه اخری
قبل أن نبدأ بالعلاقات الخارجية للدولة العثمانية علينا أولا إعطاء لمحة عن علاقاتها الداخلية والتي إتسمت بنوعين من العلاقات.
أولا علاقات عدائية: وقد ربطتها هذه العلاقة مع كل من:
• دولة المماليك: أولا نعرف المماليك، وهم الرقيق(العبيد) المحاربين استقدمهم الخلفاء العباسيين الأوائل من تركمنستان والقوقاز وغيرها من الأمصار وجعلوا حرسا ولهم، وقد ذاع صيتهم أيام الدولة الأيوبية ويقسمون إلى المماليك البرجية والمماليك البحرية، وكان لهم الملك والحكم ما بعد سقوط دولة الأيوبية، وقد حافظوا بعد أن دمر المغول الدولة العباسية ملك العباسيين في مصر والحجاز. وبعد هذه اللمحة نذكر علاقتهم بالعثمانيين التي اتسمت بالعدائية، نتيجة تراجع قوة المماليك في ظل الهجومات البرتغالية على شرق البحر الأبيض المتوسط، قامت الدولة العثمانية بالقضاء عليهم في معركتين في معركة مرج دابق سنة 1516 ومعركة الريدانية عام 1517 وبذلك تصبح الدولة العثمانية خلافة الإسلامية العثمانية بعد أن سلمها أخر خليفة عباسي مفتاح الحرمين الشريفين
• الدولة الصفوية: وهي دولة شيعية اثنى عشرية ظهرت في بلاد فارس الكبرى (حاليا إيران وأفغانستان) على يد إسماعيل الصفوي الأردبيلي وترجع تسمية الصفوي نسبة لجدهم المتصوف صفي الدين الأردبيلي (أردبيل تقع في شمال غرب إيران حاليا). وقد اتسمت علاقتها مع العثمانيين بالعدائية، بسبب رغبتهم في السيطرة على المزارات الدينية الشيعية في العراق، فقد وقفت الدولة العثمانية في وجههم في معركة جالديران سنة 1515 وتم النصر للعثمانيين ونزعوا منهم تبريز إلا أن الدولة الصفوية لم تسقط بعد هذه المعركة واستمر حكمهم لغاية 1736 وهو تاريخ بداية حكم الدولة الأفشارية بزعامة نادر شاه
ثانيا علاقات ودية: مع:
• مشيخات سواحل اليمن والبحرين: استنجدت هذه المنطقة بالدولة العثمانية نتيجة التهديد البرتغالي لهذه المنطقة، واستطاع العثمانيين من خلال ذلك إيقاف الزحف البرتغالي في المنطقة العربية.
• المغرب الإسلامي: بعد أن احتل الإسبان سواحل المغرب الأوسط، قام سكان هذه الأخيرة بطلب النجدة من العثمانيين، وتولى خير الدين بربروس الحكم، وبذلك تحصنت المنطقة من الحملات الإسبانية، وتكونت دولة الجزائر البحرية والتي استطاعت بمعية العثمانيين أن تحرر السواحل المغربية من الإسبان والبرتغال، وأصبحت تونس وليبيا ولاية عثمانية
والآن نعرج على العلاقات الخارجية التي سادت بين العثمانيين والأوروبيين، يمكننا تقسيم هذه العلاقة الخارجية إلى مرحلتين:
مرحلة الحفاظ على أملاك العثمانيين (1453-1878)
النمسا: علاقة عدائية نتيجة التوسع العثماني في البلقان ومحاصرة فيينا عاصمة النمسا
الإمارات الإيطالية: عدائية نتيجة حروبها ضد الدولة العثمانية لاسترجاع قواعدها التجارية بالبحر المتوسط.
الإمارات الألمانية: اتسمت بين الود والعداء، فقد كانت علاقة ودية مع إمارة همبورغ واتسمت بالعدائية مع إمارة بروسيا بالعداء بسبب رغبتها في قيادة الحلف الصليبي ضد العثمانيين
البرتغال واسبانيا: عدائية نتيجة اضطهادهما لمسلمي الأندلس واحتلال السواحل المغربية والتحرش بدول الخليج والحجاز والشام.
روسيا: نتيجة تصادم المصالح مما أدى إلى الدخول في مواجهات كثيرة (حرب القرم 1853، البلقان 1875) وتوقيع معاهدة كوجوك كينا رجي1774.
فرنسا: علاقة ود وتعاون نتيجة الدعم العثماني لفرنسا في حروبها ضد اسبانيا، ومنحها امتيازات دينية 1535 واقتصادية 1650.
بريطانيا: حاولت أن تحذو حذو فرنسا لإبعاد روسيا عن المياه الدافئة ومنافسة فرنسا للحصول على الامتيازات لذا شاركت إلى جانب الدولة العثمانية في حروبها في(القرم، البلقان، في مصر ضد فرنسا 1798 و محمد علي 1811).
مرحلة التعجيل باقتسام أملاك الدولة العثمانية (الرجل المريض) (1878-1924)
أما في أوروبا فقد حدد مؤتمر برلين الأول تنازلات كبيرة لصالح الدول الأوروبية داخل الأراضي العثمانية.
بدت رغبة الدول الأوروبية واضحة خلال مؤتمر برلين الذي يعتبر منعرجا حاسما في العلاقات العثمانية الأوروبية في تقسيم ممتلكات الدولة العثمانية بداية بالاتفاقيات السرية فيما بينها ( الوفاق الودي 1904 ، مؤتمر الجزيرة الخضراء 1906 ... ) وصولا إلى احتلال الولايات العثمانية الواحدة تلوى الأخرى كالآتي :
احتلال فرنسا للجزائر 1830 - فرنسا لتونس 1881- بريطانيا لمصر 1882-إيطاليا لليبيا1911-فرنسا واسبانيا للمغرب الأقصى 1912 اقتسام أرض الهلال الخصيب بين فرنسا وبريطانيا بموجب اتفاقية سايكس بيكو 1916 ووعد بلفور 1917 المشؤوم الذي سينتج عنه فيما بعد الاحتلال الصهيوني لفلسطين.
في أخر هذه الحلقة واستنتاج لما سبق يتضح لنا جليا أن الضعف الذي تسرب داخل أركان الدولة العثمانية والتي أصبحت تسمى بالرجل المريض ساعد الأوروبين على استغلال الإمتيازات التي قدمتها الدولة العثمانية في مرحلة قوتها للدول التي كانت تثق فيها وهي فرنسا وبريطانيا باستثناء روسيا التي كانت مرغمة عليها، مثل امتيازات فرنسا في المغرب الإسلامي وبريطانيا وروسيا في المشرق الإسلامي أي الإمتيازات الدينية والإقتصادية والسياسية، كما تمكنت أوروبا بعد أن أصبحت الدولة العثمانية الرجل المريض من عقد اتفاقيات سرية وعلنية لتقسيم بينها أملاك العثمانيين، وقبلها بدأت سياسة الإستعمار بإحتلال فرنسا الجزائر، وفي الأخير توجت أوروبا بعقد مع الدولة العثمانية المنهزمة في الحرب العالمية الأولى معاهدة لوزان في جويلية 1923 لإنهاء الوجود العثماني.
تعليقات
إرسال تعليق