في العصور الوسطى وفي ظل الفقر التي عاشتها أوروبا في هذه الفترة والجهل الذي ساد المجتمع بجمودهم وخضوعهم لشرذمة من المحتالين إسترهب عقول الناس بعقيدة لا تمت بصلة لدين الله الحق، تربى الطفل الأوروبي على قصص كانت منتشرة في الشرق الإسلام المزدهر روحيا وماديا، فعاش هؤلاء الأطفال في أوهام ألف ليلة وليلة، وما تصوره من بذخ العيش في الشرق والفساد الأخلاقي في بعض الأحيان، فطاقت نفوسهم منذ الصغر للضفر بالشرق والعيش فيه في بذخ ومجون، ولم يكن لهؤلاء الأطفال في الإفصاح عن آراءهم كون الكنيسة كانت بالمرصاد لكل من يفكر ويخطط وتتهمه بالهرطقة لأنه في نظر ذلك العالم الجاهل شيطان يجب القضاء عليه، ذنبه أنه فكر وسعى ليطور أمته، ومرت الأعوام وأصبح لهؤلاء الأطفال الذي كبروا، وكبرت مخيلتهم ومخططاتهم الذين كبتوا أفكارهم وأحاسيسهم قرابة خمس وعشرون سنة، فقد آن لهم الأوان لينشرو أفكار التحرر من الكنيسة سر وضرب سلطة رجال الدين الذي إسترهبوا عقول الناس بأفكار خاطئة عن الإله والدين، وحاول بعد أن يقضوا على التيار الجمودي يجتاحوا الشرق ليفجرو مكبوتاتهم الذي لطالما إجتاحت مخيلتهم منذ الصغر، وأن يغير من حال الفقر التي يعيشها مجتمعهم إلى الترف والغنى والتي صورتها هذه القصص في بغداد والهند.
هؤلاء الأطفال سرعان ما كبروا وزرعوا في أبناءهم حب التعلم، وجعلوا عقيدة الإنتقام في قلوبهم، لأن العالم لم يكن عادل في حقهم، فأرادوا أن لا ينتظروا القدر وأن يظفروا حقهم بأيديهم. هذا ما بدأ يطبقه أبناء أولائك الأطفال الشغوفين بتغير حال أمتهم، فتعلموا لغات الشرق وكونوا علاقات ودية مع الشرق، وقد أعطاءهم الشرقيون كل ما لديهم من علوم، (لأن طبيعتنا نحن المسلمين نصدر العلم للبشرية لينتفع به الناس، وهذه متجذرة في عقيدتنا، نحن المسلمين نعتقد بأن من بخل علم علمه الله كمن قتل نفس بغير حق) وطوروها، وعلموها لأبناءهم، وجعلوها حلقة في أذانهم "إعملوا على مكانتكم" فاستمر هؤلاء الأبناء في هذه المهمة القومية والدينية النصرانية، وشيئا فشيئا مع ضعف التلاحم الديني والقومي للأمة الإسلامية، راح هؤلاء الغربي في الإحتيال على العالم الإسلامي وإجتياح الشرق، وأول من قام به بعد أن عرف عادتنا وتقاليدنا وكل ما يدور بخاطرنا، أنشأ خلاية لتقسيمنا عرب وعجم، والعجم إلى أعراق، فتبدل حالنا وضعف همتنا وأصبحت للخرافة عنوان في مجتمعنا، فساد على الرهبان وتسلط علينا الجهال، فطوبى لمن غير حالنا وبث العلم في عقول أبناءنا وسار بهم نحو قوام دولنا وإصلاح عقيدتنا. فما من دون تعتقد في الخرافة إلا ومسها الضر والذل، وهذه سنة من سنن الله، فالعقل وجد للتمحيص لا للتحيد.
من لم يجد أبناءه بالفهم ويسلحهم بالعلم، فسنبقى أذل الأمم وأدناها مكانة، وقد أعزنا الله بخير كتاب أنزل وهو القرآن الكريم.
تعليقات
إرسال تعليق